دليل المستثمر: قوانين الاستثمار والتملك العقاري في سوريا

في بيئة استثمارية متقلبة، يشكل الإطار القانوني الواضح والآمن الركيزة الأساسية لجذب رؤوس الأموال، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل العقارات. ومع بدء مرحلة “سوريا الجديدة”، تتجه الأنظار إلى فرص استثمارية واعدة، يقابلها تطور في قوانين الاستثمار والقوانين المساعدة للتملك العقاري، لتوفير بيئة أكثر جذبًا وأمانًا للمستثمر المحلي والأجنبي.


أولاً: قانون الاستثمار السوري الجديد (رقم 18 لعام 2021)

يشكل قانون الاستثمار السوري الجديد حجر الأساس لأي مشروع استثماري، بما في ذلك المشاريع العقارية الكبرى. وقد جاء هذا القانون ليحل محل القوانين السابقة ويوحد المرجعيات والإجراءات، موفرًا حوافز وضمانات غير مسبوقة.

1. نطاق تطبيقه على الاستثمار العقاري

يشمل القانون مشاريع التطوير العقاري، السياحي، التجاري، والصناعي، ما يجعل الاستثمار العقاري في سوريا الجديدة مشمولًا بالمزايا القانونية.

2. أهم الحوافز المقدمة

من أبرز حوافز الاستثمار العقاري في سوريا التي ينص عليها القانون:

  • إعفاءات جمركية على المواد الأولية والمعدات.

  • إعفاء ضريبي قد يصل إلى 10 سنوات للمشاريع في المناطق التنموية.

  • الحق في تحويل الأرباح للخارج للمستثمر الأجنبي.

  • ضمان بعدم التأميم أو المصادرة.

3. إجراءات الترخيص للمشاريع العقارية الكبرى

يشترط تقديم دراسة جدوى مع مخططات واضحة، والتسجيل في هيئة الاستثمار، ثم الحصول على الموافقة الأولية، تليها التراخيص الفنية والإدارية بالتنسيق مع البلديات ووزارات معنية.

4. حماية المستثمر الأجنبي

يضمن القانون معاملة متساوية بين المستثمر السوري والأجنبي، ويتيح تملك الأجانب للعقار في سوريا لأغراض الاستثمار، ضمن شروط محددة، كما يسمح باللجوء إلى التحكيم التجاري في حال النزاعات.

(علماً أن هذا القانون سوف يتم تعديله في القريب العاجل


ثانيًا: القوانين المنظمة للتملك العقاري في سوريا

رغم أن الاستثمار مرحب به، فإن إجراءات شراء عقار في سوريا وخصوصًا من قبل الأجانب، تخضع لضوابط قانونية صارمة تهدف إلى التوازن بين حماية السيادة وتحفيز الاستثمار.

1. القانون المدني السوري

ينظم عمليات البيع، الشراء، الرهن، والهبة. ويوجب التسجيل الرسمي في السجل العقاري لضمان نقل الملكية قانونيًا.

2. قانون تملك غير السوريين (رقم 260 لعام 1969 وتعديلاته)

يعد من أكثر القوانين حساسية، إذ يقيّد تملك الأجانب للعقارات في سوريا إلا بشروط صارمة:

  • أن يكون الغرض سكنيًا أو استثماريًا فقط.

  • يجب الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الداخلية.

  • ألا تتجاوز المساحة العقارية حدودًا معينة (عادة لا تزيد عن 200 م² للعقار السكني).

  • حظر تملك العقارات قرب المناطق الحدودية أو العسكرية.

  • لا يُسمح بتملك الأراضي الزراعية للأجانب.

3. أهمية السجل العقاري

أي عقد لا يُسجَّل في السجل العقاري لا يملك قوة قانونية نافذة، لذلك يجب التأكد من سلامة القيد العقاري وملكية البائع قبل أي عملية شراء.


ثالثًا: القوانين المساعدة للتملك والاستثمار العقاري

1. قانون الإيجار

مهم جدًا في حالات الاستثمار العقاري الإيجاري، مثل بناء شقق أو محلات وتأجيرها. يجب الالتزام بعقود موثقة لتجنب النزاعات القانونية، خاصة في الحالات التجارية طويلة الأجل.

2. قوانين التخطيط العمراني والبناء

تصدر عن المجالس المحلية ووزارة الإدارة المحلية، وتحدد مناطق البناء المسموح بها، الارتفاعات، ونسب الإشغال. مخالفة هذه القوانين قد تؤدي إلى رفض الترخيص أو هدم الأبنية.

3. قوانين الضرائب العقارية

تشمل ضريبة الدخل العقاري، رسم الطابع العقاري، وضريبة بيع العقارات. ويجب احتساب هذه التكاليف ضمن الجدوى المالية لأي مشروع.


رابعًا: نصائح قانونية للمستثمرين العقاريين في سوريا الجديدة

  • استعن بمحامٍ مختص في العقارات والاستثمار لفحص العقود وتفادي الثغرات.

  • لا تبدأ بأي مشروع دون التحقق التام من صحة سندات الملكية وخلوها من الإشارات أو الرهون.

  • أدرس جيدًا إجراءات الحصول على الموافقات، لا سيما للمستثمرين غير السوريين.

  • وثّق جميع العقود والعقارات لدى كاتب العدل، وتأكد من تسجيلها رسميًا.

  • تأكد من تطابق المخططات مع الترخيص وإمكانية الحصول على براءة ذمة عند البيع لاحقًا.


خاتمة

في خضم التحولات الاقتصادية والسياسية، تشكل قوانين الاستثمار والقوانين المساعدة للتملك العقاري في سوريا الجديدة أساسًا مهمًا لانطلاقة استثمارية ناجحة وآمنة. وبينما تتطور البيئة القانونية تدريجيًا نحو مزيد من الشفافية والتحفيز، تظل المسؤولية على عاتق المستثمر في الالتزام بالإجراءات القانونية والتعاون مع خبراء محليين لضمان نجاح مشروعه وتحقيق عوائد مجزية على المدى البعيد.